الـ6 من أكتوبر 1973…يوم لن تنساه مصر والأمة العربية…استعادة فيه الأرض. وقبلها العزة والكرامة، الآلاف بذلوا دمائهم الزكية ليزيلوا عار النكسة والهزيمة التي ظلت جاثمة لستة سنوات على شعب مثقل بالجراح.
نذكر دائمًا القادة الذين وضعوا خطة التحرير، والجنود الذين خاضوا معارك الكرامة، واليوم نتذكر من كان لهم دورًا بارزًا في الخطوط الخلفية.
نادية عبد العظيم..تطوعت و لم تبلغ الـ15 من عمرها
الاسم "نادية عبد العظيم محمد"، تطوعت بفرقة التمريض عام 1967عقب الهزيمة، وكانت تبلغ من العمر 14عامًا.
حدثتنا عن تجربتها قائلة: "لقد كانت الهزيمة مريرة؛ حيث استشهد الكثير من رجال الجيش، ونقل المئات من المصابين إلى المستشفيات، ومع عجز أطقم التمريض عن التعامل مع هذا الوضع لكثرة عدد الأصابات، استأذنت من أسرتي أن أتطوع بفرقة التمريض، ورحبوا بتلك الفكرة".
وتابعت: "بالفعل ذهبت إلى مقر "الحزب الاشتراكي العربي"؛ حيث كان المسئول عن المتطوعين، وقد قال لي مدير المقر وقتها إننى صغيرة جدًّا، وأجبته يكفي أنني مصرية وأريد أن أشارك في علاج أبطالنا الذين يفدوننا"، وبالفعل تم قبولي.
شاركت في خطة "خداع" المخابرات دون أن تعلم
وذكرت نادية أنها استمر في عملها كمتطوعة بفرقة التمريض بمستشفى الهلال الأحمر بالقاهرة منذ العام 1967 مرورًا بحرب الاستنزاف حتى عام 1969، ثم التحقت "بالشركة المصرية لتعبئة السلع الغذائية" كعاملة بالشركة، وتزوجت بزميلها بالعمل ويدعى "يونس".
وأضافت: "في أول أبريل عام 1973، اتصل المعهد الثقافي للتدريب بي وزميلاتي الممرضات، أي اللاتي عملن في وقت المواجهات السابقة، لتلقى دورة تدريبية على الأساليب الحديثه بالتمريض، وقالوا لنا أن الدورة رد جميل لما قدمناه للبلد".
وأشارت إلى أنها أدركت عقب اندلاع الحرب أن الدورة هي ضمن الخطة الإستراتيجية للمخابرات العامة لخداع العدو؛ حيث حرصت المخابرات في تلك الفترة على الدفع بأخبار تشعره بأن الوضع بالجبهة هادئ.
واستطردت "انتهت الدورة التدريبية في تاريخ السابع من أبريل عام 1973 واستلمنا شهادات تكريم من هذا المعهد".
"حرب أكتوبر ردت فيا روحي"
"بعد 6 شهور من تدريبنا قامت حرب أكتوبر المجيدة، أحسست أن روحي ردت فيا" هكذا وصفت تلك اللحظات الخالدة، معقبة "بعد الإحساس بالانكسار الذي دام لسنوات طويلة، أعادت الحرب كرامتنا وهيبتنا، وشعرنا بأن دماء المصريين لم تذهب هدر".
وقالت: "قررت الذهاب مباشرة إلى مستشفى الهلال الأحمر، كما قرر زوجي الانضمام لصفوف القوات المسلحة منذ اليوم الأول للحرب، وأخذنا أجازة مفتوحة من العمل"، منوهة إلى أنها ظلت تدعو الله أن لا ترى زوجها ضمن المصابين؛ حيث شاهدت إصابات شديدة بين من تم نقلهم من الجبهة.
"زوجي رجع من الجبهة مصاب"
ظللت أكثر من 3 أيام متواصلة بدون نوم، أواصل عملي بالمستشفي، حتى فاجئني مدير قسم التمريض وقال لي أن زوجي رجع من الحرب مصابًا، وتم نقله إلى مستشفى كوبري القبة.
توقفت قليلًا عن الحديث وهي تستجمع ذكريات تلك اللحظات الأليمة، ثم تابعت "لا أستطيع وصف إحساسي وقتها؛ حيث انهمرت الدموع من عيني، قبل أن أسقط مغشي على من هول الخبر، وعندما أفقت طلبت نقلي إلى مستشفى كوبري القبة لأداوي زوجي بنفسي ووافقت إدارة المستشفى على الفور".
وأضافت: "ذهبت لزوجي في المستشفى وكانت الحمد لله إصابته ليست خطيرة؛ حيث تلقى رصاصة بساقة اليمنى، ظللت بجواره دائمًا، إضافة إلى عملي بتمريض باقى المصابين لأن جميعهم أبطال، والجميل في ذلك الوقت أن طوابير التبرع بالدم لم تتوقف لحظة".