ما وراء ” الثورة ” – هيثم صلاح

ثورة تندلع في وجه النظام الفاشل الذي يقوده الدكتور مرسي .. هكذا يصف قيادات المعارضة يوم 30 يونيو . و الحقيقة أنهم يحاولون إشعال هذه الثورة منذ 6 أشهر مستغلين الإعلان الدستوري كرافعة سياسية للوصول إلى هدف إسقاط الدكتور مرسي و لم تتوقف المحاولات من ساعتها . و مع تزايد الصعوبات الحياتية و عن طريق الإثارة الإعلامية المتواصلة إستطاعوا الوصول إلى قدر من الغضب الشعبي الظاهر – في التفاعل مع حركة تمرد بغض النظر عن عدم مصداقية ما يعلنون من أرقام – جعلهم يأملون في نجاح المخطط هذه المرة .

 

و لكن مع إتجاه الدولة المصرية إلى السقوط و الشعب المصري إلى حالة الحرب الأهلية .. يجب على الشعب المصري أن يتوقف ليفكر فيما سيضحي من أجله . الحقيقة أن الأزمة ليست نظاما فاشلا , فمشكلات الدولة المصرية الحالية لا يستطيع أن يدعي أحد قدرته على حلها بصورة تامة في المدى الزمني السابق من فترة رئاسة دكتور مرسي . و إنما الأزمة في تيار فكري معين يرى وجوب فصل الدين عن الدولة و يمثل أقلية في الشعب المصري و هو لا يريد لأنصار المنهج المقابل له – الذي يريد إقامة دولة على أساس مرجعية إسلامية – أن يحكموا و ينفذوا مشروعهم . و تتلاقى مصالحه مع أنصار النظام القديم من رجال الأعمال و رجال الأمن الذين فقدوا إمتيازاتهم و مصالحهم و يريدون عودتها و لديهم القدرة على حشد أدوات العنف و إدارتها و بالتالي يتحملون هم " الأعمال القذرة " الخاصة بإسقاط النظام .. باختصار هذه هي القصة الحقيقية للثورة الحالية . بالتأكيد هناك المعارضين الوطنيين الذين يرون مصلحة البلاد في غير ما تفعله الرئاسة و لكن هؤلاء يمثلون جانبا ثانويا غير مؤثر و غير قادر على إنجاز أي شيء وحده و بالتالي يشاركون في الموجة التي يختلط فيها الوطني بالشخصي و الخارجي .

 

و السؤال الأساسي هنا يتعلق بالشعب المصري .. هل يقبل بأن يكون مطية لقوى سياسية موتورة و راغبة بالوصول للسلطة على حساب الإرادة الشعبية و باستخدام العنف ؟ هل يقبل أن يكون غضبه من بعض الأخطاء التي إرتكبتها الرئاسة و الأوضاع الموروثة من النظام السابق وقودا لمواجهة تحرق وطنه و أمنه و مستقبله لمجرد إسقاط التيار الإسلامي و منعه من الوصول للسلطة ؟ من يضمن أن غير إسلامي لو كان في السلطة لم يكن ليواجه نفس الصعوبات و يقع في نفس الأخطاء ؟ ما الذي يستحق الدماء التي قد تسيل ؟ هل يقبل الشعب المصري أن " يثور " جنبا إلى جنب مع بلطجية الحزب الوطني الراغبين في الإنتقام من الثورة و الشعب المصري كله و العودة على أكتافهم إلى سدة الحكم ؟هل يصح أن تكون دماء أبنائنا ثمن هذه الأغراض الشخصية البعيدة تماما عن المصلحة الوطنية ؟ فالمنطق بسيط فإذا نجح المعارضون الآن في إسقاط الرئيس المنتخب بالحركة في الشارع .. ماالذي يمنع الطرف الآخر من إسقاط الرئيس القادم عن طريق المعارضة بنفس الطريقة .. و تكون بوابة فشل الدولة قد فتحت على مصراعيها ؟

 

و في المقابل هناك خيار آخر مدعو إليه الجميع لمعاقبة رئيس الجمهورية إذا كانوا مقتنعين بفشله عن طريق إسقاط تياره في الإنتخابات البرلمانية القادمة و إنتاج حكومة من المعارضة الحالية تكون بصلاحيات مساوية للرئيس و أغلبية قادرة حتى على سحب الثقة من الرئيس بوسيلة ديموقراطية لا دماء فيها . فماداموا يدعون غضبا شعبيا عاما ضد الرئيس يمنحهم 20 مليون توقيع لإقالته !!! فلم لا يدخلوا الإنتخابات بهذه الأغلبية الساحقة ؟ أم أنهم يدركون أنهم لا يستطيعون تحقيق هذه الأغلبية رغم كل ما يحدث ؟ على الشعب المصري أن يعيد حساباته جيدا حتى لا يكون ضحية لمؤامرات تستهدف أمنه و مستقبل وطنه و حتى لا يحرق بيته بيده

What do you think?

0 نقطة
Upvote Downvote

نشوب حرب شوارع في أنحاء بورفؤاد

استعدادات القوى السياسية بشمال سيناء ليوم 30 يونيو