سَلِ النيل مرسوما بصفحته البدرُ *** أَطالتْ لَياليناَ أم اقترب الفجرُ؟!
وما بالُه يُغري الأحبَّةَ وِردُهُ *** وحين ارتشفنا منهُ فاجَأَنا الجمرُ؟!
وسائِلْه ما بال المُقطَّمِ صخره *** يئنُّ من الأوجاع، هل يشْعرُ الصخر؟!
وكيف يكون الدمع حبر قصيدة *** خواتيمها مصرٌ ومطلعها مِصرُ؟!
نواطيرُها نامتْ وثعلبُها انبَرى *** أماتَ بَنُوهاَ كيْ يعيشَ بها القهرُ؟!
تحدِّثني الركبانُ عن فتياتِها *** حرائرَ أضنَاهُنَّ مُعتَقلٌ قَبْرُ
يُسَقن إلى السجَّانِ أنْ قلنَ للورى *** مسيرتُنا صبْرٌ وسيرتُنا طُهْرُ
إذا كان رأيُ الطالباتِ جنايةً *** فكيفَ إذًا تحيا المروءة والفِكر ؟!
إذا كنتَ يا فرعون تخشى صبيَّةً *** فملكك قدْ ولَّى ومدْفِنُك البحرُ
صبغت جبينَ الشمس بالليل واهِمًا *** فقد ضاق بالألوانِ منطقك الغِرُّ
ألمْ تكُ جنَّاتُ الأصيلِ ضرائراً *** ولكنَّ أنفاسَ الحقولِ لها عِطرُ !
عبثتَ بأغصان القلوبِ فلا شذاً *** يفوحُ، ومن أين العبيرُ وَلا زَهْرُ؟!
فكيف تريد الأرض من غير نبْضِها *** ومن أنتَ حتى يستَقيمَ لك الأمرُ؟!
تقولُ سفاهاً: مُلكُ مصرَ أليسَ لِي ؟! *** وجُنْدِي إذا ما احتجْتُ بطْشَتَهُمُ كُثْرُ
ستأبى نفوس الأكرَمينَ هوانَها *** وَتَذْروكَ ريحُ الحادثاتِ إذا تَذْرُو
ألم يمْتلأْ ميدانُ رابعةٍ دمًا *** وما خافَ إلا اللهَ مُعْتصِمٌ حرُّ
فأيكُمُ ألغَى سواهُ ولا يدٌ *** أشاروا بِها إلا توعَّدَهَا البَتْر ُ؟!
عجبتُ لأصحابِ العقول تسوقُهمْ *** عصاكَ، أَفي آذانِ منْ خُدِعوا وَقْرُ ؟!
أَتُستَأْصَلُ الْأفكار؟! يا أحمقَ الورى *** تَأَمَّلْ… فَإن الحُمْقَ آخرُهُ خُسْرُ
حنونٌ على كل الطغاةِ، وَقاتِلٌ *** إذاَ فِئَةٌ لمْ تَرْضَ ما صَنَعَ الْغَدْرُ !
أقولُ لمصر القلبِ والحزنُ غيمةٌ *** أزيحي ستار الوهم فالموعد النصرُ
فأنتِ التي أدنتْ جَناها وحلَّقتْ *** نَوارِسُها واختارَ هالَتَهَا البدرُ
الشاعر الموريتاني / الشيخ ولد بلعمش