أدان المرصد المصري للحقوق والحريات، اليوم الأحد، التفجير الدامي الذي وقع فى شمال سيناء الجمعة الماضية، والذي أودى بحياة ما لا يقل عن 30 فردًا من الجنود والضباط، وما تلاها من إجراءات قامت بها الحكومة المصرية الانقلابية من إعلان حالة الطوارئ في شمال سيناء، في إشارة إلي تدهور الأوضاع الأمنية هناك.
وكشف المرصد فى تقرير له عن الأوضاع الأمنية في سيناء منذ عام 2011 حتى الآن، والذي صدر اليوم، أن شبه جزيرة سيناء شهدت خلال هذه الفترة ما يقرب من 50 هجومًا إرهابيًا استهدفت قوات الجيش والشرطة، وخلّفت أكثر من 198 قتيلاً وعشرات المصابين في صفوف الجيش والشرطة، نتج عنها زيادة التدخل الأمني والقبضة الأمنية على المدنيين فى شمال سيناء.
وأكد التقرير أن ما وصفه بالوحشية التي تزايدت وتيرتها خلال العام الماضي منذ أحداث 3 يوليو وحتي الآن، أدت إلي وقوع انتهاكات جمة في صفوف المدنيين دون أي ضابط أو حاكم أو جهة للتحقيق، ما خلف أكثر من 500 قتيل فى سيناء، إضافة إلى أكثر من 7000 معتقل فى سجون الجيش والشرطة السرية، وتهجير أكثر من 500 أسرة وهدم منازلهم، وإخفاء أكثر من 300 مواطن فى شمال سيناء وحدها.
وتضمن التقرير عدة محاور تمثلت في إلقاء نظرة على الوضع في سيناء منذ عام 2011 حتى الآن وما شهدته من أحداث، كما تضمن إلقاء الضوء على قرار إعلان حالة الطوارئ بشمال سيناء، الصادر عن رئاسة الجمهورية، ومدى مخالفته للقانون والدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وأهم ضمانات حقوق المواطنين في شمال سيناء حال تطبيق الطوارئ.
وأشار التقرير إلى أن إعلان الطوارئ يعد مزيدًا من الحلول الأمنية، ويمثل تعقيدًا للأزمة وليس حلاً لها؛ إذ أن المطلوب ليس الثأر لضحايا "العملية الإرهابية" مع السماح باستمرار الإرهاب وأسبابه، بل القضاء على "الإرهاب" وبواعثه؛ فقد ساعد التدخل الأمنى أيضًا على هذا النمو السرطاني للإرهاب في سيناء، والإهدار غير المحدود للحقوق الآدمية للمواطنين، والإهانة الفظة للأعراف السائدة في المجتمع البدوي على مدى عقود من الزمان، حسبما جاء فى التقرير.
وأوضح أن قانون الطوارئ قد أعطى حرية واسعة للسلطة التنفيذية، في العصف بقانون الإجراءات الجنائية، وخاصة فى المواد التى تتناول القبض علي المتهمين، إذ يجوز القبض على المخالفين للأوامر التي تصدر طبقًا لأحكام قانون الطوارئ بالمخالفة لأحكام الدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما يسمح بوجود محاكم استثنائية للنظر في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية، وهي محكمة أمن الدولة الجزئية والعليا.
وأشار التقرير إلى أنه وفقًا لحالة الطوارئ؛ فإنه يجوز لرئيس الجمهورية أن يأمر بتشكيل دائرة أمن الدولة الجزئية من قاض واثنين من ضباط القوات المسلحة، وبتشكيل دائرة أمن الدولة العليا من ثلاثة مستشارين ومن ضابطين من الضباط القادة، وهو ما يعد إخلالاً بمبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، وحصانة القضاة، ومخالفة للمواد 165 إلى 173 " من الدستور ، والمادة " 14 " من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وأكد التقرير أن هناك العديد من الضمانات الدستورية والقانونية في حال تطبيق حالة الطوارئ في سيناء يلزم اتباعها؛ لضمان حقوق وحريات المواطنين في سيناء؛ فبالرغم من أن إعلان حالة الطوارئ تعد من قبيل أعمال السيادة ، وقد أقر القضاء بذلك، إلا أن ذلك يجافي نص المادة 68 من الدستور، والتي تنص على "عدم جواز تحصين أي عمل من أعمال الإدارة ضد رقابة القضاء"، ومن ثم لا يجوز أن تخرج جميع التصرفات الإدارية الصادرة بمناسبة تطبيق قانون الطوارئ عن رقابة القضاء وسلطانه.
وأوضح أن قانون الإجراءات الجنائية نص في مواده " 34, 36, 42 " على العديد من الضمانات الحقيقية للمتهمين، وأنه لا يجوز القبض على أحد إلا في حالة التلبس، ويجب الاستماع إلى أقواله خلال 24 ساعة، وإن لم يأت بما يبرئه فيجب إرساله إلى النيابة العامة للتحقيق معه خلال 24 ساعة أخرى للنظر في شأنه، ويجب إعلامه بالتهم الموجَّهة إليه، والاتصال بمحاميه، وأن يوضع في أماكن احتجاز لائقة صحيًا ونفسيًا، وغيرها من الحقوق.
وطالب المرصد بالبحث عن خيارات بديلة للحل الأمني، والعمل على إحداث تنمية حقيقية فى شبه جزيرة سيناء، وإشراك أهلها فى الثروات العظيمة التى تزخر بها، والتصالح مع الأهالي والقبائل التي تضررت من الأحداث السابقة، وتعويض الأسر والأهالي عن أي أضرار قد لحقت بهم خلال الأحداث الماضية، وإحالة المتسببين في ذلك للمحاكمة العادلة والعاجلة، وإلا فستظل سيناء بؤرة توتر ومصدر إزعاج وقلاقل للأمن القومي المصري على المدى الطويل.