أعلن مئات الصحفيين المصريين رفضهم لإعلان رؤساء التحرير الصادر في 26 من أكتوبر الماضي، والذي يتضمن دعمًا شبه أعمى للدولة، ويحظر انتقاد الشرطة والجيش والقضاء، معتبرين ذلك بمثابة خلق لإعلام يتحدث بصوت واحد.
ووقع الصحفيون الذين بلغ عددهم نحو 300 صحفي على بيان، الأحد، ذكروا خلاله أن مكافحة الإرهاب واجب وشرف لكن لا علاقة لها بمثل هذا "التسليم الطوعي" لحرية التعبير، الواضح في ثنايا الإعلان.
وتابع البيان الذى جاء في سياق تقرير لوكالة أسوشيتد برس: ”الوقوف ضد الإرهاب مع إعلام مقيد وأفواه مكممة يعني تقديم الدولة كضحية سهلة للتطرف، ويحول الرأي العام إلى مخلوق أعمى".
ونقلت عن عضو نقابة الصحفيين خالد البلشي – صاحب مبادرة رفض الإعلان – قوله: إن ذلك البيان نتاج اجتماع، السبت، ناقش فيه الصحفيون مستقبل الإعلام المحلي، مضيفًا أن عدد الموقعين عليه بلغ 300 صحفي على الأقل.
وأردف البلشي: ” إنها محاولة لدفع الصحفيين للتحدث بصوت واحد.. خطوة رؤساء تحرير الصحف تبدو مثل تأسيس حزب سياسي لدعم النظام، إنهم يرغبون في القضاء على أي اختلاف".
ووصفت الوكالة إعلان رؤساء تحرير الصحف بأنه ردة لعهد المستبد حسني مبارك، أو السلطوي صاحب الكاريزما جمال عبد الناصر، واستدركت: ” لكنه يبدو أيضًا توافقًا مع مزاج أمة أتعبتها الفوضى وسفك الدماء والانهيار الاقتصادي منذ عزل مبارك".
وأشارت إلى أن النزاع بين الصحفيين ورؤساء التحرير هو أحدث مسلسل الخلاف المصري بين السلطات وإعلامها الأكثر إخلاصًا من جهة، واللذين يمنحان أولوية أمنية فوق أي شيء آخر تقريبًا، ضد معسكر صغير مساند للديمقراطية، يتألف معظمه من مجموعات شبابية علمانية ويسارية.
وأكدت الوكالة أن الخلاف، يضرب بجذوره في التآكل المؤخر للحريات، والتي فاز بها المصريون عندما ثاروا ضد مبارك، في ثورة مذهلة دامت 18 يومًا، كما أن حظر التظاهر كان على رأس قائمة تآكل الحريات بمصر، بحسب الوكالة، بعد القانون الذي صدر في نوفمبر 2013، والذي حظر أي تظاهرات شوارع دون ترخيص.
واستطردت: ”في الخلفية، يتحرك وطن قوامه 90 مليون نسمة نحو اليمين، حيث الشوفينية ورهاب الأجانب يسودان الإعلام، في وقت يحارب فيه الجيش والشرطة المسلحين الإسلاميين الذين يشنون حملة عنف ضد المؤسستين في شبه جزيرة سيناء.. فقد حوكم عشرات النشطاء، بعضهم في العشرين، وأدين البعض منهم، وصدرت ضدهم أحكام بالحبس لتنظيم تظاهرات سلمية، أو المشاركة فيها، منذ تفعيل القانون"، على حد وصف الوكالة.
وتابعت: ”كما استهدفت حملة أخرى أكثر نطاقًا وعنفًا أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، التي حظرتها الدولة، حيث قتلت السلطات مئات الإسلاميين، وحبست الآلاف منذ العزل العسكري للرئيس الإسلامي محمد مرسي".
وأشارت إلى أن إعلان رؤساء التحرير جاء كرد فعل على مطالبة "الرئيس السيسي" للمصريين بالوقوف خلفه في مواجهة الإرهاب، في أعقاب مقتل 30 عسكريًا في كرم القواديس، في هجوم هو الأكثر دموية في عقود".
كان المرصد المصري للحقوق والحريات"، أصدر بيانًا، الأحد، يدين فيه الانتهاكات بحق الإعلاميين والصحفيين منذ انقلاب 3 يوليو، وذلك في ذكرى اليوم العالمي لمحاربة إفلات مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين من العقاب.
وقال إن الصحفيين والإعلاميين فى مصر منذ أحداث 3 يوليو واجهوا العديد من الانتهاكات المتنوعة من قبل أجهزة الدولة وعلى رأسها الجيش والشرطة والسلطة القضائية، حيث تقلصت حقوق الصحفيين، ومنعوا من القيام بأعمالهم، وتم مصادرة أقلامهم، وغلق صحفهم وقنواتهم، وتعرضوا للقتل والإعتقال والتعذيب الوحشي.
وذكر المرصد أن الانتهاكات تمثلت في: 92 معتقلاً إعلاميًا وصحفيًا، منهم 67 مازالوا بالسجن حتى الآن، وكذلك 9 حالات قتل لصحفيين وإعلاميين فى الميدان، و60 مصابًا صحفيًا، و6 محاكمات عسكرية للإعلاميين.
وذكر وجود نحو687 حالة من الانتهاكات المتعددة، منها غلق 10 قنوات فضائية، وغلق ومداهمة 12 مكتبًا لمؤسسات إعلامية وصحفية، ومنع صحيفتين من الصدور، وكذلك ارتكاب 237 واقعة على معدات إعلامية، و22 حالة منع من الكتابة، وفصل تعسفي لـ 30 صحفيًا.
مضيفًا أن: "حالة التمييز التي تتبعها السلطات المصرية بحق العمل الصحفي والإعلامي كانت هي شعار مابعد 3 يوليو 2013 ، فقد لوحظ أن الإجراءات القمعية والتعسفية بحق الإعلاميين لم تتم إلا ضد المؤسسات الصحفية والإعلامية التي تنشر الرأي الآخر المعارض لما يجرى فى مصر من أحداث، فيما لوحظ فى الفترة الماضية بدء أجهزة الأمن والاستخبارات المصرية فى ملاحقة الصحفيين والإعلاميين الناقدين لسياسة القمع التى تنتهجها أجهزة الدولة".