ما أجمل أن تمطر السماء والفرد يلازم غطاء سرير بيته المستور ويحتسي المشروبات الساخنة، التي تشعره بالدفء هذا شعور كثير من المصريين في الطبقات الوسطى وما فوقها، ولكن الطبقات الاجتماعية الأكثر فقرًا ، والتي يحل عليهم الشتاء بلا سقف يسترههم ؛ لتتسرب وتتساقط مياه اﻷمطار عليهم وعلى أمتعتهم وهم داخل المنزل، فبالطبع سيكون الشعور مختلف.
“إنتوا جايين من كليات عالية ومبهدلين نفسكوا بشيل الخشب وحطه، عشان تبنولي سقف، ربنا يفرحكوا يا رب زي مفرحتوني”.. بهذه الكلمات استقبلت الحاجة فوزية ربة أسرة فقيرة بقرية بني عياض في محافظة الشرقية، مجموعة من الشباب الجامعي الخيِّر، الذي تجمع من محافظات مصرية مختلفة ، مابين الوجه البحري والوجه القبلي؛ للتطوع في قافلة تنظمها جمعية رسالة الخيرية، ولم تمنعهم مؤهلاتهم الدراسية ما بين كليات الهندسة والسياسة والاقتصاد والإعلام في المشاركة في بناء أسقف خشبية الصنع ؛ لتقي وتستر تلك الأسرة الفقيرة من أمطار فصل الشتاء.
بيت ضيق مهلهل تعيش فيه الحاجة فوزية وأسرتها ،ا لتي تتكون من 5 أفراد، فيكاد ينعدم الأثاث في البيت، والجدران متشققة تغطيها بقع الرطوبة، والأرضية إسمنتية لا تختلف كثيرًا عن أرضية شوارع القرية، وسقف خشبي هش مُغطى بالقش لا يغطي أحد غرف البيت ، مما قد يحول البيت إلى بركة ماء إذا أمطرت السماء في فصل الشتاء.
وعلى الرغم من سوء الأوضاع المعيشية للحاجة فوزية ، إلا أن ابتسامة الرضا والقناعة كانت ظاهرة على وجهها، وبكرم أهل محافظة الشرقية المعروف ، أرسلت بسرعة أحد أبنائها لشراء زجاجة مياه غازية ، وأجبرت المتطوعين على شربها تقديرًا وشكرًا لهم.
ويبدو أن الفرحة التي ظهرت على قلب الحاجة قبل وجهها ببناء السقف لم تكن قاصرة عليها وعلى أسرتها فقط، بل امتدت لتصل إلى وجدان ومشاعر المتطوعين، فيقول “علي” أحد المتطوعين: أنا فرحان جدًا إننا بنينا السقف، فرحنا بيه هم أسرة فقيرة ، وسترناها من أمطار الشتاء، وإدخال السرور على قلب المسلم ده ليه متعة مختلفة فعلاً“.
أسرة الحاجة فوزية هي واحدة من آلاف الأسر المصرية الفقيرة ، التي تعيش على هامش الحياة في “شتاء” بلا سقف في شدة البرودة وهطول اﻷمطار وعواصف الرياح ، أسرة لم تجد المُعين بعد الله ، إلا من شباب قد عرف طريقه للخير، فهل ستظل تلك الأسر تستغيث بلا منصت؟ أم أن الحكومة ستُلبي مطالبهم البسيطة ، وتتغير اهتمامات الشباب المصري لما هو أسمى ، من خلال فعل الخير ومساعدة الغير، في ظل إهمال الحكومة المصرية الحالية لتلك الطبقات الفقيرة؟.