in

حقبة جديدة من تمكين اليسار في مواجهة قمع الحكومات بأوروبا

يشهد اليسار الراديكالي في أوروبا حقبة جديدة من التمكين لمراكزه في السيطرة والحكم داخل حكومات الدول الأوروبية، الأمر الذي دائما ما يقابل بالتعنت والمواجهة والاعتراض الشديد، حيث تأتي أفكاره نحو التطلع إلى الأثرياء وإنهاء خطط التقشف على الشعوب بالاقتطاع من الأغنياء، وهو ما يهدد وضع الحكام والمسؤولين بهذه الدول، خاصة بعد التفاف جزء كبير من المواطنين حول هذا الفكر.

وكان آخر ما تردد حول تمكين اليسار، هو فوز جيرمي كوربين اليساري وعضو مجلس العموم البريطاني، برئاسة حزب العمال في بريطانيا، وهو الحزب المنافس لحزب المحافظين الحاكم، أمس السبت، حيث أعلن “كوربين” في وقت سابق، أنه إذا انتخب على رأس حزب العمال، سيقوم بتقديم اعتذار رسمي شامل عن تدخل بريطانيا في العراق.

وعقب فوز “كوربين” برئاسة الحزب، اشتعلت المواجهة بينه وبين رئيس وزراء بريطانيا، ديفيد كاميرون، الذي كتب منشورا على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” قال فيه: “إن حزب العمال يمثل الآن تهديدا لأمننا القومي الاقتصادي وأمن الأسرة”.

و”كوربين” هو يساري برلماني منذ عام 1983، معروف عنه تأييده قضايا العرب في فلسطين والعراق ويتهم السلطات في مصر بـ”الإطاحة” برئيس منتخب ديمقراطيا، فضلا عن أنه عضو بحملة التضامن مع فلسطين، حيث دعا إلى أهمية إشراك حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وحزب الله اللبناني في مفاوضات السلام بالشرق الأوسط دون إقصائهم.

وقال استشاري الاقتصاد السياسي، مدحت الشريف، في تعليقه على الخبر لـ”رصد”: “إن فوز اليسار بأوروبا بمناصب سياسية وحزبية يصب نحو حقبة جديدة من تمكين اليسار هناك، خاصة أن هذا الفكر يلقى شعبية جارفة مع تزايد ضغط الحكومات بالقرارات التقشفية والتي لا يعاني منها سوى أفراد ومواطنين دون المساس بكل امتيازات السلطة والطبقة الحاكمة الأساسية”، مشيرا إلى أن فوز “كوربين” الأخير ينم على تغيير خريطة التفكير لشعوب الدول الأوروبية واتجاههم نحو الإيمان بحقوقهم والتمسك بها في مواجهة تعنت الحكومات.

وكان أول قرار اتخذه “كوربن”، بعد إعلان فوزه وسط أعضاء الحزب وبقية المرشحين بوسط لندن، القيام بالمشاركة في مظاهرة لدعم اللاجئين، قائلا: “إن هؤلاء اللاجئين ضحايا وبشر مثلنا يبحثون عن ملاذ آمن، تلزمنا الإنسانية والتعاطف على مساعدتهم”، مشيرا إلى أن أزمتهم جاءت نتيجة حروب لا تخدم الإنسان ولا ينبغي لبلاده أن تنخرط فيها.

ويستدل من ذلك أن حزب العمال بأوروبا سيستعيد بريقه وتصدره لنتائج الانتخابات مرة أخرى، من خلال دعم وتأييد “كوربين” في سياساته والتي تنحاز إلى الفقراء والمهمشين، وتشجيع العدالة والمساواة في الرفاهية الاقتصادية والتي تقتصر حاليا على طبقة واحدة دون أخرى.

وأشاد الخبير الاقتصادي، محمد فاروق، بأفكار الفكر اليساري ونتائجه في أوروبا، متوقعا تغيرا كبيرا في السياسات الحاكمة هناك، واحتمالية الشد والجذب بين الحكومة والأفراد، إلى أن ترضخ الأولى لطلبات وأفكار الفئة الثانية، مستدلا برغبة الأحزاب اليسارية في حماية النقابات وتجلى دورها، حيث إنها تعد العمود الفقري للأحزاب والأفراد، بالإضافة إلى رغبتها في تحسين الوضع الاقتصادي بشكل أكثر عدالة، مع إقصاء دور التدخلات العسكرية أو استخدامها من الأساس.

وكانت ردود الأفعال مختلفة بعد فوز جيرمي كوربين بمقعد رئاسة الحزب، وكان أولها من رئيس الحزب المستقيل، إيد ميليباند، الذي أعلن احترامه للنتيجة وتأييده لكوربن، متمنيا طفرة جديدة بالحزب، خاصة بعد استطاعة “كوربن” جذب كوادر شبابية وشعبية من مختلف الفئات للانضمام له، مما عزز فرصه بالفوز.

وفي فرنسا أشاد حزب اليسار بانتخاب “كوربن”، حيث رأى فيه “عودة إلى اليسار الحقيقي في بلاد تاتشر وبلير”، وقال الحزب الشيوعي الفرنسي إن انتخابه “مؤشر على أن عجلة التاريخ تدور”، في حين اكتفى الحزب الاشتراكي الفرنسي بـ”الترحيب” بانتخابه.

أما الخصوم فكانوا معاكسين ورافضين لدخول المعارضة الحكم، وأعلن الكثير منهم استقالته فور فوز “كوربن”، ومنهم منافسه “كوربن”، يفيت كوبر.

وبالمقارنة مع وضع اليساريين بأوروبا، نجد أن تواجدهم كان مؤثرا خلال الفترة الماضية، حيث نجد فوز زعيم حزب اليسار الراديكالي اليوناني ألكسيس تسيبراس برئاسة حزبه باكتساح، فضلا عن طلبه لمؤيديه بإعطائه الأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في العشرين من سبتمبر الجاري، حيث قال “تسيبراس”: “نطلب ولاية قوية وأغلبية مطلقة لحكومة سيريزا” للسنوات الأربع المقبلة، حيث أشار إلى أن حزبه سيدخل الانتخابات بقوة للفوز.

وحقق اليساري الراديكاري جيريمي كوربن السبت فوزا ساحقا برئاسة حزب العمال البريطاني المعارض، ليصبح بذلك الزعيم السياسي الأكثر يسارية في البلاد منذ أكثر من 30 عاما، حيث تم إعلان فوز كوربن، المعارض الشرس لسياسات التقشف على غرار حزبي سيريزا اليوناني وبوديموس الإسباني، بعدما حصل على 59.5 في المئة من 422664 صوتا أدلى بها أعضاء حزب العمال.

واخترق “كوربن”، بحسب هذه النتيجة، حاجز التصويت المطلوب للفوز من الجولة الأولى، وبهذا ينتقل نائب دائرة شمال إزلنغتون بلندن من المقاعد الخلفية في مجلس العموم التي قضى فيها 32 عاما إلى واجهة الحزب في مفاجأة لا تزال تذهل كثيرين، إذ حصل على المركز الأول في كل مستويات التصويت في الحزب من حيث الأعضاء والمنتسبين الجدد.

وأحيا انتصار “كوربن” المشاعر المناهضة للتقشف في أوروبا، بسبب خطابه حول إنهاء الاقتطاعات التقشفية وفرض ضرائب إضافية على الأكثر ثراء، وتشمل سياساته زيادة الإنفاق على الخدمات العامة كالمدارس والمستشفيات، ونزع الأسلحة النووية، وإعادة تأميم الشركات كالسكك الحديد، وإشراك التنظيمات الإسلامية كحركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط.

What do you think?

0 نقطة
Upvote Downvote

الشرقية: الزقازيق تغرق في مياه الصرف الصحي.. والأهالي مستاؤون

بالأسماء.. الإعلان عن فوز أول 15 عضوًا بمجلس النواب