أثار قرار وزارة الزراعة بالسماح باستيراد القمح الذي يحتوي على طفيل الإرجوت، الجدل في مصر خاصة لما في ذلك من تهديد مباشر لصحة المواطنين.
وحسب مراقبين فإنه بعد أن كان رغيف الخبز، أحد المطالب الثلاثة التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير في عام 2011، والتي اقتلعت نظام مبارك، بات الرغيف المسرطن يطل على المصريين من جديد في ظل حكومة عبدالفتاح السيسي.
وفي هذا التقرير نستعرض عدد شحنات القمح المسرطن في مصر:
17 شحنة من 2004 إلى 2009
كانت قضية “القمح المسرطن” من أبرز القضايا التي كانت تناقش ما قبل ثورة يناير.
وناقش برلمان 2005 فضحية استيراد شركة التجار المصريين لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية، من الفترة 2004 إلى 2009، 56 ألف طن قمح روسي بواقع 17 شحنة.
واعترف الدكتور محمد سعد رئيس الإدارة المركزية لشؤون البيئة وسلامة الغذاء بوزارة الزراعة، حينها أمام لجنة الزراعة بمجلس الشعب، بأن وزير الصحة اتخذ إجراءات ضد عدد من الموظفين الذين تراخوا في إجراءات الكشف الطبي اللازم على شحنات القمح التي أصدر النائب العام قرارا بإعادتها لبلد المنشأ الذي تم استيرادها منه.
وأكدت وزارة الصحة آنذاك وجود نسبة سموم تزيد على 2 في المليون، وطالب البرلمان هيئة السلع التموينية استيراد القمح بدلا من الشركات الوسيطة التي يملكها عدد من رجال الأعمال.
كما أكد النائب مصطفى بكري وجود 17 شحنة قمح محتجزة في موانئ سفاجا والدخيلة والإسكندرية وأبوقير، وأن من بين الـ17 شحنة 15 شحنة روسية، وأن هذه الشحنات كانت محتجزة منذ شهر تحت التحفظ.
وطالب أعضاء مجلس الشعب حينها بسرعة إعلان الحقيقة أمام الشعب، وهاجموا المسؤولين عن استيراد صفقات القمح الفاسدة من الخارج، وطالبوا بمحاكمة شعبية بجانب الجنائية لمن يثبت تورطه في استيراد صفقات فاسدة.
6 شحنات في 2014
تورطت هيئة السلع التموينية في نوفمبر 2014 في السماح بدخول 63 ألف طن قمح فرنسي غير مطابق للمواصفات، بتكلفة بلغت 120 مليون جنيه، بواقع 6 شحنات.
وعقب وصول الشحنات لميناء سفاجا، شكلت الهيئة العامة للصادرات والواردات التابعة لوزارة التجارة والصناعة لجنة ثلاثية لأخذ عينات من الشحنة الواردة بالتعاون مع مأمور انتدبته مصلحة الجمارك بسفاجا، وإرسال عينة من الشحنة لمعامل القاهرة، وفوجئت اللجنة بأن شحنة القمح فاسدة وغير مطابقة للمواصفات القياسية، وأن أغلب حبات القمح بالشحنة يشوبها الضمور وذات لون أخضر، الأمر الذي يؤكد انتشار الفطريات بها بعد فسادها، ومن ثم كتبت تقريرا يوم 15 نوفمبر الماضي بذلك.
والغريب في الأمر أنه رغم عدم صلاحية شحنة القمح الواردة لمصر من فرنسا فإن هيئة السلع التموينية طلبت من إدارة الجمارك الإفراج عن الشحنة وتجاهل ما ورد في تقارير المعامل التي قامت بفحص الشحنة.
ولم يتوقف الأمر على ذلك بل كشفت المستندات التي حصلت “النهار” على نسخة منها عن تورط هيئة السلع التموينية في إهدار المال العام خاصة أنها استوردت طن القمح بسعر أعلى من سعره العالمي، إذ إن سعر طن القمح العالمي المطابق للمواصفات القياسية هو 200 دولار، في حين استوردته مصر بسعر 227.5 دولار أي بفارق 27.5 دولار في الطن الواحد الأمر الذي يعد إهدارا للمال العام.
وكشف “ائتلاف جمارك ضد الفساد” حينها أن التقرير الذي كتبته هيئة الجمارك حول الشحنة تسبب في خلق نوع من المضايقات على رجال الجمارك، كأسلوب جديد لكي يتراجعوا عن إظهار تقرير عدم صلاحية الشحنة وكتابة تقرير جديد يؤكد سلامتها وصلاحيتها للاستخدام الآدمي.
3 شحنات في 2015
من جديد عادت أزمة صفقات القمح الروسي الفاسد إلى مصر، بعدما تمّ ضبط ٢٥ ألف طنّ بواقع 3 شحنات، في إبريل 2015 قبل دخولها لاستخدامها في إنتاج الخبز الحكومي المدعوم، والذي يعيش عليه الفقراء ومحدودو الدخل في مصر. وكانت مثل هذه الصفقات من القمح غير الصالح للاستخدام الآدمي لاحتوائه على آفات سامّة وسرطانيّة وحشرات نافقة، ضمن أخطر الملفّات التي أثارت غضب الشارع المصريّ في عهد نظام حسني مبارك بعد اكتشاف توزيع عدد كبير منها على المطاحن والمخابز واستخدامها في صناعة الخبز عام ٢٠٠٩.
شحنة 2016
أعلنت وزارة الزراعة المصرية، اليوم الأربعاء، أنها ستسمح باستيراد القمح الذي يحتوي على نسبة تصل إلى 0.05% من طفيل الإرجوت، متراجعة بذلك عن رفضها أي شحنة مصابة بأي نسبة من طفيل الإرجوت المسبب للسرطان والإجهاض.
وقال المتحدث باسم الوزارة عيد حواش: “نلتزم بالمعايير والمواصفات المصرية، ومن ثم فإن هذا يعني أننا نقبل ما يصل إلى 0.05%”، في إشارة إلى نسبة الإصابة بطفيل الإرجوت.
جاء ذلك بعد ممارسة فرنسا الضغوط على مصر من خلال لقاء السفير الفرنسي بوزير الزراعة المصري، وفي ما يبدو أنها نحجت تلك الضغوط بقبول وزارة الزراعة شحنات القمح التي تحتوي على فطر الإرجوت.
وكان الدكتور سعد موسى رئيس الحجر الزراعي، قد قال في تصريح سابق إن مصر لن تسمح بدخول أي شحنة قمح تحتوي على فطر “الإرجوت” المسبب للإجهاض والسرطان.
وفي السياق ذاته أكد الدكتور خيري عبدالمقصود، أستاذ أمراض النباتات، في تصريح خاص لـ”الأهرام الزراعي”، خطورة فطر “الإرجوت”، نظرا لقدرته على إصابة الإنسان والماشية معا، حال تناول حبوبا مصابة بالفطر، أو بعد طحنها إلى دقيق وإنتاج الخبز منها، فهو يسبب صداعا للإنسان، وإجهاضا للمرأة، وفي حالة تناوله بشكل مستمر يؤثر على الكبد، ومن الممكن أن يصيب الإنسان بالسرطان على المدى البعيد، إذا استخدم بشكل مستمر، كما يصيب الماشية بالإجهاض.
وأحدثت وزارة التموين حالة من الارتباك بين التجار في الأسابيع الأخيرة، إذ أكدت لهم أنه سيتم السماح بشحنات القمح التي تصل نسبة الإصابة بطفيل الإرجوت فيها إلى 0.05%، وهو معيار دولي شائع غير أن وزارة الزراعة رفضت جميع الشحنات التي تحتوي على أي نسبة من الطفيل.
شحنة دمياط
وكان قد وصل إلى ميناء دمياط خلال الأيام القليلة الماضية، شحنة قمح تبلغ 63 ألف طن من ثلاث شحنات قادمة من فرنسا، وقالت مصادر بقطاع الشحن إنه من المقرر البدء في تحميل شحنة ثانية من ميناء دنكرك بشمال فرنسا.
قال اللواء بحري أيمن صالح، رئيس هيئة ميناء دمياط، إنه أخطر وزارة الزراعة عن وجود شحنة من القمح غير الصالح، تم احتجازها خارج ميناء دمياط، لاحتوائها على مواد فطرية مضرة بصحة المواطنين.
وأضاف صالح، في تصريحٍ له،اليوم، أن الحاوية قادمة من دولة فرنسا، واحتجزت لإخطار الجهات المعنية للتعامل معها، خشية أن تتسبب في ضرر بالغ للمواطنين في حال دخولها وتداولها.