أكد الكاتب والصحفي المتخصص في الشؤون الأميركية محمد المنشاوي، أن الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، تحولت إلى سباق مفتوح بالكامل، بصورة قلما تتكرر في التاريخ الأميركي.
وقال المنشاوي في مقال له نشر بصحيفة “الشروق”: “تشهد هذه الانتخابات حالة ترهل وضعف وعدم ثقة واسعة من المواطنين في المؤسسات الحزبية القائمة، ويقصد بالمؤسسة الحزبية، والتي يطلق عليها Establishment، شبكة شديدة التعقيد رسمية وغير رسمية تتكون من كبار المسؤولين الحاليين والسابقين للحزب، وممثلي الحزب، سواء في الكونجرس أو المناصب التنفيذية، ورجال المال والأعمال القريبين من الحزب، والمراكز البحثية المرتبطة بالأحزاب بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأخيرًا وسائل الإعلام القريبة من تلك الأحزاب، مثل محطة فوكس Fox News القريبة من الجمهوريين، أو محطة إم إس إن بي سي MSNBC القريبة من الديمقراطيين”.
وأشار إلى أنه لم يعد في وسع المؤسسة الحزبية التحكم في هوية المرشح المفضل، كما حدث في انتصار الشاب الأسود والسيناتور الصغير من ولاية إلينوي باراك حسين أوباما على هيلاري كلينتون عام 2008.
واضاف: “في بداية الحملة الانتخابية منتصف عام 2015، اعتقد كثيرون أن الصراع سيتقلص إلى معركة بين هيلاري كلينتون وجيب بوش، ادعوا أنهما لن يواجها أي منافسة حقيقية من ناحية، ولن يقترب منهما أحد في جذب الأموال لحملتهم الانتخابية، إضافة إلى وقوف كل مؤسسات الحزب وشبكاته وراءهما، اليوم وبعد تسعة أشهر من بدء الحملات الانتخابية نجد المرشحة الديمقراطية تواجه تحديًا جادًا ومقلقًا من السيناتور بيرني ساندرز، أما بوش فيتعرض للإذلال عن طريق هزيمة مدوية جعلت منه مرشحًا لا يلتفت إليه أحد، على الرغم من كل الدعم المؤسسي، ووصل لقمة الجمهوريين مرشح مستفز يعادي مؤسسات الحزب، ومرشحان شديدا التطرف يحسبان أصلًا على حركة حزب الشاي المحافظة”.
وتابع المنشاوي: “دور المال لا يمكن إنكاره أو التقليل منه في انتخابات 2016، لكن من المهم التذكير بأن أهمية المال تنبع من تمكينه للمرشح أن يتواصل مع المواطنين الناخبين عبر التلفزيون أو الراديو أو إعلانات الطرق أو حتى إعلانات على شبكات التواصل الاجتماعي، من هنا يلعب الإعلام دورًا طاغيًا فى التأثير على هوية المرشح الفائز، وأظهرت نتائج انتخابات ولاية آيواه، أن المرشحين الخمسة الأوفر حظًا لنيل بطاقة حزبهم هم أكثر خمسة مرشحين ذكرًا وتكرارًا في وسائل الإعلام المختلفة”.
واستطرد: كما تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا متزايدًا يكشف عن فاعلية دورها في التأثير على هوية المرشح الفائز، المرشحون الخمسة الكبار هم أنفسهم أصحاب أكبر عدد من المتابعتين على حسابات “تويتر”، يبلغ عدد متابعي ترامب 5.9 ملايين شخص، وكلينتون 5.2 ملايين شخص، في حين يتابع تيد كروز ما يقل عن 800 ألف شخص، وماركو روبيو أكثر قليلًا من مليون شخص. ويبلغ متابعو بيرني ساندرز 1.2 مليون شخص، ثم يجيء بعدهم في الترتيب بقية المرشحين بأرقام أقل كثيرًا”.
واختتم : “يتوقع أن تصل تكلفة الحملات الانتخابية 2016 إلى 11.4 مليار دولار، يذهب منها مليار دولار للإعلان في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الأكثر أهمية هو أن 70% من هذه التكلفة، أو ما يقرب من 8 مليارات دولار، ستنفق على إعلانات الراديو والتليفزيون، وتظهر دراسات حديثة أن المواطن الأميركي يشاهد 4.2 دقائق إعلانات سياسية مدفوعة الثمن مقابل مشاهدته 1.2 دقيقة أخبارًا وتغطية للمرشحين، بالطبع يظهر ذلك أهمية الأموال ودورها في الانتخابات الرئاسية، إلا أن ذلك يظهر أيضًا أن أهمية الإعلام تتخطى أهمية الأموال”.